سورة التغابن - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التغابن)


        


{يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4)}
{يَعْلَمُ مَا فِى السموات والارض} من الأمور الكلية والجزئية والأحوال الجلية والخفية {وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} أي ما تسرونه فيما بينكم وما تظهرونه من الأمور والتصريح به مع اندراجه فيما قبله للاعتناء بشأنه لأنه الذي يدور عليه الجزاء، وقوله تعالى: {والله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} اعتراض تذييلي مقرر لما قبله من شمول علمه تعالى لسرهم وعلنهم أي هو عز وجل محيط بجميع المضمرات المستكنة في صدور الناس بحيث لا تفارقها أصلًا فكيف يخفى عليه تعالى ما يسرونه وما يعلنونه، وإظهار الجلالة للإشعار بعلة الحكم وتأكيد استقلال الجملة، قيل: تقديم تقرير القدرة على العلم لأن دلالة المخلوقات على قدرته تعالى بالذات وعلى علمه سبحانه لما فيها من الإتقان والاختصاص ببعض الأنحاء.
وقرأ عبيد عن أبي عمرو. وأبان عن عاصم ما يسرون وما يعلنون بياء الغيبة.


{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (5)}
{أَلَمْ يَأْتِكُمْ} أي أيها الكفرة لدلالة ما بعد على تخصيص الخطاب بهم، وظاهر كلام بعض الأجلة أن المراد بهم أهل مكة فكأنه قيل: ألم يأتكم يا أهل مكة {نَبَؤُاْ الذين كَفَرُواْ مِن قَبْلُ} كقوم نوح. وهود. وصالح. وغيرهم من الأمم المصرة على الكفرة {فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ} أي ضرر كفرهم في الدنيا من غير مهلة، وأصل الوبال الثقل والشدة المترتبة على أمر من الأمور، ومنه الوبيل لطعام يثقل على المعدة، والوابل للمطر الثقيل القطار، واستعمل للضرر لأنه يثقل على الإنسان ثقلًا معنويًا، وعبر عن كفرهم بالأمر للإيذان بأنه أمر هائل وجناية عظيمة {وَلَهُمْ} في الآخرة {عَذَابٌ أَلِيمٌ} لا يقادر قدره.


{ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (6)}
{ذلك} أي ما ذكر من العذاب الذي ذاقوه في الدنيا وما سيذوقونه في الآخرة {بِأَنَّهُ} أي بسبب أن الشأن.
{كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بالبينات} بالمعجزات الظاهرة {فَقَالُواْ} عطف على {كَانَتْ}.
{أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} أي قال كل قوم من أولئك الأقوام الذين كفروا في حق رسولهم الذي أتاهم بالمعجزات منكرين لكون الرسول من جنس البشر، أو متعجبين من ذلك أبشر يهدينا كما قالت ثمود: {أَبَشَرًا مّنَّا واحدا نَّتَّبِعُهُ} [القمر: 24]، وقد أجمل في الحكاية فأسند القول إلى جميع الأقوام، وأريد بالبشر الجنس، فوصف بالجمع كما أجمل الخطاب، والأمر في قوله تعالى: {وَمَعِينٍ يأَيُّهَا الرسل كُلُواْ مِنَ الطيبات واعملوا صالحا} [المؤمنون: 51] وارتفاع {بُشّرَ} على الابتداء، وجملة {يَهْدُونَنَا} هو الخبر عند الحوفي. وابن عطية، والأحسن أن يكون مرفوعًا على الفاعلية بفعل محذوف يفسره المذكور لأن همزة الاستفهام أميل إلى الفعل والمادة من باب الاشتغال {فَكَفَرُواْ} بالرسل عليهم السلام {وَتَوَلَّواْ} عن التأمل فيما أتوا به من البينات؛ وعن الإيمان بهم {واستغنى الله} أي أظهر سبحانه غناه عن إيمانهم وعن طاعتهم حيث أهلكهم وقطع دابرهم، ولولا غناه عز وجل عنهما لما فعل ذلك، والجملة عطف على ما قبلها، وقيل: في موضع الحال على أن المعنى {فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ} وقد استغنى الله تعالى عن كل شيء، والأول هو الوجه {والله غَنِىٌّ} عن العالمين فضلًا عن إيمانهم وطاعتهم {حَمِيدٌ} يحمده كل مخلوق بلسان الحال الذي هو أفصح من لسان المقال، أو مستحق جل شأنه للحمد بذاته وإن لم يحمده سبحانه حامد.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6